سياسي

سقوط لاهور شيخ جنكي: نهاية رجل الظل في مشروع “قسد”

سقوط لاهور شيخ جنكي: نهاية رجل الظل في مشروع “قسد”

 

الخابور - أحمد العواد 

لم يكن اعتقال لاهور شيخ جنكي، الرئيس المشترك السابق للاتحاد الوطني الكردستاني، حدثًا داخليًا عراقيًا فحسب، بل كشف عن شبكة واسعة من العلاقات والمصالح العابرة للحدود، تمتد من السليمانية إلى الحسكة، ومن أربيل إلى تل أبيب، وتُحاك خيوطها في غرف استخباراتية دولية.

تمكنت قوة أمنية خاصة في مدينة السليمانية بإقليم كردستان العراق من اعتقال رئيس "حزب جبهة الشعب" لاهور شيخ جنكي واثنين من أشقائه -فجر اليوم الجمعة- بعد اشتباكات مسلحة استمرت لساعات

جنكي ليس مجرد سياسي كردي تقليدي، بل كان، بحسب مصادر مطلعة، أحد أبرز مهندسي المشروع الكردي المسلح في سوريا، والداعم الأهم لميليشيا "وحدات حماية الشعب" الكردية قبل أن تتحول لاحقًا إلى ما يُعرف اليوم بقوات سوريا الديمقراطية (قسد).

يُعرف لاهور في الأوساط الأمنية والإعلامية على أنه الواجهة الاقتصادية للمليشيا خارج سوريا، والمسؤول غير المعلن عن خطوط التمويل وتهريب السلاح، وتوفير الغطاء السياسي لعناصر المليشيا في المحافل الغربية. لم يكن يدعمهم بالمال فقط، بل كان الراعي الحقيقي للتمدد السياسي والعسكري للمشروع الانفصالي في الجزيرة السورية، ويُقال إن تسمية "قوات سوريا الديمقراطية" نفسها خرجت من مكتبه في السليمانية، كمحاولة لإضفاء طابع تعددي يخفي حقيقة تبعية التشكيل لحزب العمال الكردستاني.

ولم يكن دوره محصورًا بالمال والدعاية، بل لعب دورًا محوريًا في إقناع التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، بدعم "الوحدات الكردية" بالسلاح والغطاء الجوي تحت ذريعة محاربة تنظيم الدولة. ومن خلال قنواته المفتوحة مع المخابرات الأمريكية والبريطانية، أقنعهم بأن هذه المليشيات هي "الحل المحلي لمحاربة الإرهاب"، فكانت النتيجة تسليحًا كثيفًا وتدريبًا مباشرًا وتغطية سياسية أعطت قسد شرعية غير مستحقة على حساب المكون العربي في شمال وشرق سوريا.

وبتمويل مباشر وتنسيق كامل مع حزب العمال الكردستاني، أنشأ لاهور معسكرات تدريب مغلقة في السليمانية لاستقبال عشرات المقاتلين من وحدات حماية الشعب قبل نقلهم إلى الأراضي السورية. كما ساهم في تأمين جوازات سفر عراقية وجنسيات لبعض القيادات الكردية السورية، ومن بينهم مظلوم عبدي، القائد العام لقسد، لتسهيل تحركاتهم بين العواصم الغربية وتسويق مشروعهم الانفصالي.

ولم يُخفِ علاقاته الوثيقة بإسرائيل، وأكد في أكثر من مناسبة أن "تل أبيب كانت ولا تزال حليفًا طبيعيًا للأكراد"، وقد اعتُبرت إسرائيل أحد أبرز داعمي مشروع "قسد" عسكريًا وسياسيًا عبر قنواته وأقاربه. ووفق تسريبات، اعترف الرجل في لقاءات خاصة بأنه "ارتكب مخالفات للقانون في سبيل دعم أكراد سوريا"، ما يعكس حجم التورط العابر للحدود وتماهي الأجندة القومية مع الأجندة الاستخباراتية.

ختامًا، فإن اعتقال لاهور شيخ جنكي ليس مجرد تصفية داخلية في البيت الكردي العراقي، بل إشارة واضحة إلى ارتباطه بمشروع تقسيمي واسع امتد من شمال العراق إلى شرق سوريا. ورغم سقوطه سياسيًا، تبقى بصماته واضحة في كل بندقية بيد "قسد"، وكل علم انفصالي يُرفع في الحسكة، وكل دعم دولي يصل للمليشيا تحت مسميات إنسانية أو ديمقراطية مزيفة.