أخبار وتقارير

رويترز: مخاوف إقليمية وغربية من عودة تنظيم داعش بعد سقوط نظام الأسد

رويترز: مخاوف إقليمية وغربية من عودة تنظيم داعش بعد سقوط نظام الأسد

 

الخابور 

حذّر زعماء في الشرق الأوسط وحلفاؤهم الغربيون من أن تنظيم داعش قد يستغل سقوط نظام  نظام بشار الأسد للعودة إلى سوريا والعراق، حيث سبق أن فرض التنظيم المتشدد سيطرته على ملايين الأشخاص، وفق تقرير لوكالة رويترز.

وذكرت الوكالة، نقلاً عن أكثر من عشرين مصدرًا أمنيًا وسياسيًا ودبلوماسيًا من سوريا والعراق والولايات المتحدة وأوروبا، أن التنظيم بدأ بإحياء خلاياه في البلدين، وتحديد أهداف جديدة، وتوزيع الأسلحة، إضافة إلى تكثيف أنشطة التجنيد والدعاية.

ورغم ذلك، انخفض عدد الهجمات المنسوبة للتنظيم منذ سقوط النظام. فقد تبنى 38 هجومًا في سوريا خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2025، ما يضعه على مسار يتجاوز 90 هجومًا هذا العام، مقارنةً بـ 266 هجومًا في عام 2024، بحسب بيانات مجموعة "سايت" المتخصصة بمراقبة الجماعات المتشددة.

وفي العراق، حيث نشأ التنظيم، أعلن مسؤوليته عن أربع هجمات فقط خلال نفس الفترة، مقارنة بـ 61 هجومًا العام الماضي.

الحكومة السورية لم ترد على استفسارات رويترز بشأن هذه الأنشطة. لكن وزير الدفاع مرهف أبو قصرة أكد في يناير/كانون الثاني أن أجهزة الأمن تطور من قدراتها الاستخباراتية للتصدي لأي تهديد محتمل.

من جانبه، قال مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية ومتحدث باسم رئيس الوزراء العراقي، إن بقايا التنظيم ضعيفة ولم تعد قادرة على السيطرة على أراضٍ كما كانت قبل طرده من معقله الأخير في 2019 على يد التحالف الدولي وشركائه المحليين.

وأوضح المتحدث باسم الجيش العراقي صباح النعمان أن العمليات الاستباقية، والغارات الجوية، والاعتقالات ساهمت في إضعاف التنظيم ومنعه من إعادة تشكيل خلاياه. وأشار إلى دور الطائرات المسيرة والتقنيات الحديثة في تحسين دقة العمل الاستخباراتي.

لكن مسؤولين محليين وأوروبيين حذروا من التقليل من خطورة التنظيم، مؤكدين أنه لا يزال قادرًا على استغلال الفوضى والفراغ الأمني. وأشارت مصادر استخباراتية أوروبية إلى رصد وصول مشتبهين بهم من أوروبا إلى سوريا للانضمام إلى الجماعات الجهادية.

ويأتي هذا التحرك في وقت حساس بالنسبة للرئيس السوري أحمد الشرع، الذي يحاول توحيد البلاد ووضع الفصائل المتمردة السابقة تحت سلطة الدولة، بعد 13 عامًا من النزاع.

وقد اعتُبر قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برفع العقوبات عن سوريا مكسبًا سياسيًا لشرع، إلا أن بعض التيارات الإسلامية المتشددة انتقدت انفتاحه على الغرب، واعتبرت محاولاته للتطبيع مع إسرائيل خيانة.

وفي نشرته الأسبوعية "النبأ"، هاجم تنظيم داعش لقاء شرع مع ترامب، ودعا المقاتلين الأجانب في سوريا للانضمام إلى صفوفه.

وخلال اجتماع جمع ترامب بشرع في السعودية يوم 14 مايو/أيار، طلب الرئيس الأمريكي من نظيره السوري المساعدة في منع عودة التنظيم، في وقت تستعد فيه واشنطن لخفض وجودها العسكري في سوريا من نحو 2000 جندي إلى النصف بحلول نهاية العام.

وأثار هذا الانسحاب قلقًا واسعًا في صفوف الحلفاء، خصوصًا مع احتمال فقدان السيطرة على نحو 9000 من مقاتلي داعش وأسرهم المحتجزين في سجون خاضعة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة من واشنطن. وأعلنت "قسد" عن وقوع محاولتي فرار على الأقل من تلك السجون منذ انهيار النظام السوري.

تسعى واشنطن وتركيا لنقل مسؤولية هذه السجون إلى حكومة الشرع، لكن محللين يشككون في قدرة دمشق على تولي هذه المهمة المعقدة، في ظل تحديات أمنية واسعة أبرزها هجمات من موالين مفترضين للأسد، واشتباكات بين قوات تدعمها أنقرة و"قسد"، وغارات جوية إسرائيلية متكررة.

قال تشارلز ليستر، مدير برنامج سوريا في معهد الشرق الأوسط: "الحكومة المؤقتة منهكة أمنيًا، ولا تملك القوة البشرية الكافية للسيطرة على البلاد بأكملها".

من جهته، طالب متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية الدول المعنية بإعادة مواطنيها المحتجزين في سوريا وتحمل مسؤوليات أكبر في إدارة المخيمات والسجون.

وأكد مسؤول دفاعي أمريكي أن واشنطن تواصل مراقبة الوضع في سوريا وتدعم شركاءها، مشيرًا إلى تبادل معلومات استخباراتية محدودة مع دمشق، دون تأكيد مشاركة أمريكية مباشرة في الغارات الجوية التي استهدفت مواقع في حلب.

وتوقعت مصادر أمريكية أن ينهي التحالف عملياته في العراق بحلول سبتمبر/أيلول، فيما أبدت بغداد، وفقًا لمسؤول أمريكي، رغبتها غير المعلنة في إبطاء وتيرة انسحاب القوات الأمريكية وعددها 2500 جندي، بعد سقوط نظام الأسد.

ووفق الأمم المتحدة، يُقدّر عدد مقاتلي تنظيم داعش النشطين في سوريا والعراق بنحو 1500 إلى 3000، فيما تشير بيانات "سايت" إلى أن أكثر فروع التنظيم نشاطًا تقع حاليًا في إفريقيا. ويعتقد الجيش الأمريكي أن عبد القادر مؤمن، زعيم فرع الصومال، هو القائد العام الحالي للتنظيم.

حذّرت ريتا كاتز، مديرة "سايت"، من أن انخفاض وتيرة هجمات داعش لا يعني تراجعًا في قدرته، مشيرة إلى أنه في مرحلة إعادة تموضع واستراتيجية جديدة.

وذكرت مصادر أمنية سورية أن التنظيم يفعّل خلاياه النائمة، وينقل مقاتليه إلى مدن كحلب وحمص ودمشق، ويخزن أسلحة ومواد متفجرة وكواتم صوت، وسط تصاعد التوتر الأمني.

وأكد وزير الداخلية السوري أنس خطاب أن تنظيم داعش يمثل التهديد الأمني الأبرز في الوقت الحالي.

أما في العراق، فقد أفاد علي السعيدي، مستشار قوات الأمن العراقية، بأن التنظيم ينشط مجددًا في جبال حمرين وعلى الطرق الرئيسية، ويُعتقد أنه حصل على أسلحة خلفتها قوات النظام المنهارة.

وأشار وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين إلى استمرار التنسيق مع دمشق لمواجهة خطر التنظيم، قائلًا: "نأمل أن تكون سوريا مستقرة، وألّا تتحول إلى ملاذ للإرهابيين، وخاصة تنظيم داعش".