الخابور
ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع بدأ تحركات حثيثة تهدف إلى كسب دعم الولايات المتحدة لخطط إعادة إعمار سوريا، عبر اتخاذ خطوات تُرضي واشنطن مثل ملاحقة المسلحين، وإجراء اتصالات غير مباشرة مع إسرائيل، وطرح فرص استثمارية مغرية أمام شركات أميركية في قطاعي النفط والغاز.
وفي الأسابيع الأخيرة، استجابت حكومة الشرع لبعض المطالب الأميركية باعتقال مسلحين فلسطينيين، وأرسلت رسائل عبر وسطاء إلى إسرائيل تعبر فيها عن الرغبة في تجنّب أي تصعيد عسكري. وجاء ذلك في وقت نفذت فيه إسرائيل غارة جوية قرب القصر الرئاسي في دمشق.
يسعى الرئيس أحمد الشرع كذلك إلى لقاء مباشر مع ترامب لعرض خطته لإعادة إعمار البلاد عبر نموذج مشابه لخطة مارشال، بحيث تحظى الشركات الأميركية والغربية بعقود الإعمار بدلًا من أن تستحوذ عليها الصين أو أطراف أخرى. وقال مسؤولون سوريون للصحيفة إن الحكومة مستعدة لتقديم امتيازات كبيرة في حال تخفيف العقوبات.
في هذا السياق، زار جوناثان باس، وهو ناشط جمهوري مؤيد لترامب ورئيس تنفيذي لشركة Argent LNG، دمشق الأسبوع الماضي وعرض خطة شراكة لتطوير موارد الطاقة السورية وإنشاء شركة نفط وطنية مدرجة في الأسواق الأميركية. وأفاد باس، ومعه معاذ مصطفى رئيس "قوة الطوارئ السورية"، بأن الشرع رحب بالخطة، ورافق وزير الطاقة السوري باس في طريق العودة إلى إسطنبول.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول سوري كبير قوله إن "سوريا الحرة الجديدة تسعى لبناء علاقة استراتيجية مع الولايات المتحدة تقوم على المصالح المتبادلة، خصوصاً في قطاع الطاقة". وأضاف المسؤول أن دمشق تأمل أن تصبح حليفاً مؤثراً لواشنطن في الشرق الأوسط.
من جانبه، قال باس إن "لدينا فرصة لطرد الروس والإيرانيين والصينيين من سوريا إلى الأبد، وتحقيق هزيمة دائمة لداعش"، مؤكداً أن الشرع عبّر عن استعداده للتعاون الاقتصادي الكامل مع الولايات المتحدة.
ومع أن الشرع لم يعد مصنفًا كإرهابي في قوائم مكتب التحقيقات الفيدرالي منذ كانون الأول 2024، وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، جيمس هيويت، إن "أفعال السلطات السورية المؤقتة هي التي ستحدد إمكانية تخفيف العقوبات أو تقديم الدعم الأميركي".
ووفق الصحيفة، فإن سوريا تواجه خطر التحول مجددًا إلى دولة فاشلة ما لم تحصل على دعم مالي غربي، وسط انهيار واسع للبنية التحتية ودمار يطاول المدن الكبرى.
وكانت سوريا قبل عام 2011 تصدر نفطًا بقيمة 4.2 مليار دولار سنويًا، وتتمتع بموقع استراتيجي قرب أوروبا. واليوم، تحتاج منشآت النفط والكهرباء والاتصالات إلى إعادة تأهيل شامل، فيما وافقت قوات يقودها الأكراد ومدعومة من الولايات المتحدة على تسليم الحقول النفطية شرق البلاد إلى الحكومة الجديدة، في اتفاق لا يزال قيد التنفيذ.
وفي مؤشر على التحول الإقليمي، تستعد دول الخليج، وعلى رأسها السعودية وقطر والإمارات، لاستقبال ترامب الأسبوع المقبل، ومن المتوقع أن يطرح الشرع خلال الزيارة طلب عقد لقاء مع الرئيس الأميركي، بحسب الصحيفة، وسط مساعٍ عربية متزايدة لإعادة سوريا إلى الحظيرة الدبلوماسية.
وكانت واشنطن قد سلّمت حكومة الشرع قائمة شروط تشمل ملاحقة الفصائل الفلسطينية المسلحة، والكشف عن مصير الأميركيين المفقودين، والسماح لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية بالوصول الكامل داخل البلاد. ووفق الصحيفة، بدأت الحكومة السورية فعليًا تنفيذ هذه الشروط، باعتقال عدد من قادة الفصائل وإغلاق مكاتبها.