أخبار وتقارير

باحث سوري يكشف التناقضات في بيان مؤتمر "وحدة الصف الكردي" ومخاطر الطرح القومي

باحث سوري يكشف التناقضات في بيان مؤتمر "وحدة الصف الكردي" ومخاطر الطرح القومي

 

الخابور 

عُقد مؤتمر تحت عنوان "كونفرانس وحدة الصف والموقف الكردي في روجآفايي كردستان" يوم أمس السبت في القامشلي ،  وأصدر  المؤتمر وثيقة حملت اسم "الرؤية الكردية المشتركة". ورغم إعلان المؤتمر التزامه بمبدأ "الوحدة الوطنية السورية"، فإن مضمونه أثار العديد من التناقضات والإشكاليات، سواء في الخطاب أو المطالب، بحسب منشور للباحث السوري مهند الكاطع.

تناقضات بين العنوان والمضمون

يشير عنوان المؤتمر إلى "روجآفايي كردستان"، وهو مصطلح يحمل دلالات انفصالية واضحة، يقوم على الاعتقاد بأن بعض المناطق السورية تشكّل جزءاً من "كردستان الكبرى". 

يؤكد الكاطع، إن التوصيف يتناقض مع شعار المؤتمر المعلن عن السعي إلى الشراكة والوحدة الوطنية، إذ يفرض هوية قومية على مناطق متعددة الأعراق، متجاهلاً الواقع الديموغرافي والتاريخي المتنوع.

استخدام المسميات الكردية وإعادة تشكيل الجغرافيا

أظهرت الوثيقة اعتماداً على مسميات كردية بديلة عن الأسماء التاريخية للمدن السورية، مثل استخدام "سري كاني" بدلاً من رأس العين، و"كري سبي" بدلاً من تل أبيض. وجاء ذلك في سياق المطالبة بعودة النازحين، متجاهلاً في الوقت نفسه مأساة التهجير القسري لعشرات الآلاف من العرب من مناطق مثل ناحية الشيوخ في عين العرب.

ويرى الكاطع،  أن هذا النهج لا يكتفي بالمطالبة بحقوق ثقافية أو قومية، بل يتجه إلى محاولة "هندسة لغوية" للجغرافيا، ما يكرس انفصالاً ثقافياً وقومياً بعيداً عن الهوية الوطنية السورية الجامعة.

مطالب تتجاوز الشراكة إلى الامتيازات الحصرية

تنطلق الوثيقة بمطالب عامة حول "الشراكة الوطنية المتساوية"، لكنها تنتقل سريعاً إلى طلب حزمة من الامتيازات الخاصة للأكراد، منها:

إعادة رسم الحدود السياسية والإدارية لتتناسب مع مفهوم "روجآفا"، رغم استحالته ديموغرافياً وعملياً.

الحكم الذاتي والإدارة المنفصلة لمناطق تصفها بأنها "كردية".

اعتماد اللغة الكردية كلغة رسمية في الدستور.

إنشاء مؤسسات ثقافية وإعلامية كردية مستقلة.

إدارة الموارد والثروات الطبيعية في هذه المناطق لصالح "الإقليم الكردي".

ضمان تمثيل كردي خاص في القضاء والأمن والبرلمان.

إقرار مبادئ فوق دستورية خاصة بالشعب الكردي.

تطرح هذه المطالب تساؤلات جدية حول ماهية "الوحدة الوطنية" المقصودة، وما إذا كانت تعني وحدة سورية أم وحدة قومية كردية خاصة، وفقا للباحث.

إغفال الحقائق الديموغرافية والتاريخية

تتجاهل الرؤية حقيقة أن مدناً مثل الحسكة والقامشلي ورأس العين وتل أبيض وعين العرب، كانت تاريخياً ذات أغلبية عربية، مع وجود عشائر كردية معروفة تعايشت مع باقي المكونات. كما أن جزءاً كبيراً من الوجود الكردي الحالي يعود إلى موجات هجرة واسعة من تركيا والعراق خلال فترة الانتداب الفرنسي، دون أن يتم التعامل مع القادمين كغرباء أو محرومين من الحقوق.

أما الإحصاء السكاني لعام 1962، الذي تصفه الوثيقة بأنه "إجراء استثنائي ظالم"، فقد كان محاولة تنظيمية لمعالجة تسلل سكاني غير شرعي، ولم يكن بهدف التمييز العرقي، حسبما يرى بعض المختصين. كما أن من حاولوا التهرب من الإحصاء وقتها، فعلوا ذلك لأسباب تتعلق بالخدمة العسكرية أو بدوافع اقتصادية.

الحزام العربي: واقع مختلف عن الرواية السائدة

تنتقد الوثيقة مشروع "الحزام العربي"، مشيرة إليه كمثال على "التمييز ضد الأكراد"، في حين تؤكد مصادر تاريخية أن المشروع لم يُنفذ فعلياً كما صوّره البعض. وتشير هذه المصادر إلى أن إسكان بعض العشائر العربية في المنطقة كان نتيجة تعويض المتضررين من مشاريع اقتصادية كبرى، مثل سد الفرات، دون أن يؤدي إلى تهجير جماعي للأكراد أو إلى تغيير ديموغرافي قسري واسع النطاق.

ازدواجية المطالب: مساواة من طرف واحد

تسعى الوثيقة إلى إلغاء ما تصفه بـ"الإجراءات الاستثنائية" ضد الأكراد، لكنها في المقابل تطالب بإجراءات استثنائية لصالحهم، من قبيل إدارة ذاتية خاصة وامتيازات قومية مستقلة داخل الدولة، ما يخلق نموذجاً من "المساواة الانتقائية"، حيث يحصل طرف واحد على مكتسبات حصرية تحت شعار الشراكة الوطنية.

خلاصة

يؤكد الباحث الكاطع في ختام منشورة، أن بناء وطن موحد لا يمكن أن يتحقق عبر تفكيك هويته إلى جزر قومية أو طائفية متناثرة. كما أن تحقيق العدالة لا يكون عبر تجاهل الحقائق التاريخية والديموغرافية لصالح روايات أحادية الجانب.