الخابور - ملاذ العلي 

تُعاني منطقتا تل أبيض ورأس العين على مدى الأربع سنوات الماضية من ندرة الدعم بسبب العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على المنطقة ومنع المنظمات من دعمها على خلفية انتزاع السيطرة عليها من مليشيا "ب ي د".

ومن أكثر وأهم القطاعات التي تضرّرت في المنطقة هو القطاع الزراعي حيث يعتمد اقتصاد المنطقة الرئيسي على الزراعة والثروة الحيوانية.

بداية المشكلة والخطة البديلة 

منذ تحرير المنطقة عام 2019 بدأت إلى حدٍ ما تشّح المحروقات القادمة من مناطق سيطرة يميلشيا "ب ي د" سواء كميات قليلة يقوم بتهريبها البعض إلى منطقتي رأس العين وتل أبيض وهذا ما زاد المعناة الذي دفع الأهالي للتحوّل إلى الطاقة البديلة (ألواح الطاقة الشمسية) وانتشرت بشكلٍ كبير في المنطقة كونها تعيد بريق الأمل في عيون المزارعين واستعاضوا بها عن المحروقات التي أصبحت باهظة الثمن.

إلا أنّ التكلّفة لم تكن سهلة، فالكثير تحمّل الديون الباهظة أو باع ممتلكاته ليقوم بالعمل بمجاله الزراعي، وبحسب إحصائيات محلية فقد وصلت المساحات المروية في رأس العين وتل أبيض إلى أكثر من 300ألف دنم مروي.

مشاكل الإنتاج والتسويق 

قام المُزارعون بعملية الإنتاج الزراعي في نبع السلام، ورغم التكاليف الباهظة حصدوا مواسم جيدة طيلة الأربع سنوات الماضية وبدأت الأسعار تنخفض تدريجياً، إذ في عام 2020 وصل سعر القمح إلى 430 دولار، وفي موسم 2024 بلغ سعر القمح 245%، وهذا يُشكّل خطراً كبيراً وقد يؤدي إلى إفلاس عدد من المزراعين.

يقول إبراهيم حاج محمد وهو مزارع من منطقة رأس العين، إنّ تكلّفة الدنم الواحد من القمح تصل إلى 90 دولاراً وسعره الحالي 220 دولار، و 245 دولار القاسي الدرجة الأولى، والإنتاج يتراوح ما بين 300 إلى 450 كيلو.

فعند طرح التكلّفة والأيدي العاملة والحصاد لايبقى أي شيء للمزراع وأحياناً يخسر زيادة على تعبه وتكاليفه بحدود 20 دولاراً على الدنم، وذلك بسبب سوء الأسعار مقارنة بأسعار الجوار، بحسب حاج محمد.

أحمد الحسين وهو مزارع من منطقة تل أبيض، قال إنّ المحاصيل الصيفية لم تكن أحسن حالاً من المحاصيل الشتوية، فمحصول القطن الرئيسي تصل تكاليف الدنم الواحد إلى 120 دولاراً، وبدأت الأسعار أيضاً بالانخفاض فعند بداية الزراعة بعام 2020 كان ثمن الطن الواحد من 900 إلى 1000 دولار، والآن بأفضل أحواله يبلغ 550 دولار.

وأضاف: "هذا وضعنا في موقف حرج جداً فلم يعد يغطي مصاريفه في ظل الزيادة العارمة بأسعار القطاف، فاليوم العامل لا يقبل بجمع القطن بأقل من 80 دولاراً للطن الواحد".

غياب السلطات المحلية بشكل كامل 

منذ بداية الزراعة في عام 2020 كانت السلطات المحلية مجالس وحكومة مؤقتة غائبة بشكلٍ كامل عن مشاكل وهموم المزراعين، فلم يتم تقديم أي نوع من أنواع الدعم سواء مادي أو عيني ولم تقم الحكومة المؤقتة بتنفيذ أي مشروع ينهض بالواقع الزراعي، ولم يتم تقديم أي شكل من أشكال الدعم سواء بذور أو أسمدة.

الأمر اقتصر على المؤسسة العامة للحبوب التي تقوم بشراء القمح على قدر قدرتها المادية، وفي بعض الأعوام اشترت كل المحصول وفي أعوام أخرى اشترت قسم منه ماجعل المزارعين لقمة سهلة للتجار 

التوجه للزراعات البديلةوزيادة الخسائر 

بسبب انخفاض الأسعار للمحاصيل الرئيسية القمح -الشعير - الذرة - القطن، دفع المزارعين إلى التوّجه لزراعات بديلة، وهي المحاصيل الطبية والعطرية والبقوليات (كمون -كزبرة -يانسون -فول - عدس -حمص) وهي معروفة بحساسيتها للظروف الجوية والأمطار، وهذه لم تكن ملبيّة لآمال المزارعين.

فهذا العام هطلت الأمطار بشكلٍ قوي، الأمر الذي أدّى إلى إصابة المحصول بأمراض فطرية أثرّت بشكلِ كبير على الإنتاج، كما شهدت انخفاض شديد بالأسعار لأن سوقها الرئيسي هو مدينة الباب في ريف حلب، وتكاليف إيصالها إلى هناك مرتفعة لأنّها ستدخل عبر الأراضي التركية ومن ثم إلى الباب عبر بوابة الراعي. 

الضرائب والروسوم التي تفرضها المجالس والبوابات 

أثقلت الضرائب والروسوم كاهل التجار الذين يقومون بالتصدير سواء إلى تركيا أو ريف حلب الشمالي أو شمال العراق، فالمجالس والاقتصاديات التابعة للفصائل تعاونت على فرض رسوم تصدير أو ترانزيت كرسوم منشأ القطن الذي يكلّف التاجر 62 دولاراً، ورسم الطن الواحد من الشعير والقمح والبقوليات 15 دولاراً، وكذلك اليانسون والكمون.

وهذه الرسوم انعكست سلباً على المزارعين لأن التاجر يقوم بخفض السعر لتغطية نفقاته وهذه النفقات ستكون من سعر المادة .

كل هذه العوامل أدّت إلى تراجع الواقع الزراعي في منطقة نبع السلام، ماجعلت كثير من المزراعين على حافة الإفلاس الكامل وإذا لم يكن هناك حلول جدية سيتوقف الإنتاج الزراعي بشكل كامل لأنّ المزارع إذا توالت خساراته سيتوقف عن الإنتاج.