الخابور
قالت جماعة "الإخوان المسلمين" في سوريا، إنه ليس بينها وبين إيران أي ضغائن، مستدركة "لكن الجماعة تدين سياسات النظام الإيراني، المعتدي على شعبنا وأهلنا ووطننا".
جاء ذلك في ورقة تشرح موقف الجماعة من النظام الإيراني، نشرتها الجماعة على موقعها الرسمي، تحت عنوان "الموقف من النظام الإيراني".
وقالت الورقة إن "النظام الإيراني المعاصر أصبح يمثل بعداً قومياً ويحمل مشروعاً طائفياً عقدياً توسعياً لاختراق المنطقة العربية، ويوظف الوقود المذهبي الطائفي عبر مظلومية الحالة الشيعية ووجوب الانتقام لها، ويستخدم لغة إعلامية ناعمة مضللة تدعو لوحدة الأمة ومقاومة أعدائها".
وتابعت: "كان لنا في جماعة الإخوان المسلمين في سوريا تقييم دقيق وموقف واضح من هذا النظام الباطني منذ أيامه الأولى، وأنه يمثل الخطر الداهم على الأمة والمنطقة".
الورقة أكدت أن النظام الإيراني اختار الوقوف مع نظام بشار الأسد الإبادي المتوحش، وساعده على الفتك بالشعب السوري لكسر إرادته في حياة حرة كريمة، بل فاخر أحد أذرعه في المنطقة أن قاسم سليماني هو الذي أقنع الروسي بالتدخل في نهاية عام 2015م لإنقاذ بشار الأسد الذي أصبح آيلاً للسقوط خلال أسبوعين.
وقالت الجماعة إنه "لم يقتصر النظام الإيراني بنفوذه على الوجود الأمني والعسكري، وإنما شرع كذلك بغزو ثقافي تبشيري منظم منذ مرحلة مبكرة"، مشيرة إلى إنشاء مدارس شيعية وجامعات إيرانية وعدداً كبيراً من المراكز الثقافية الإيرانية في محافظات دير الزور وحلب والساحل السوري ودمشق وريفها ودرعا وغيرها، وهي تعمل على استقطاب أهالي وأطفال المنطقة، وتقدم لهم الحوافز المادية والمنح الدراسية، وتغرس في فكر الأجيال الناشئة تعظيم قادتها ورموزها.
أما على الصعيد الاقتصادي، قالت الورقة إن "النظام الإيراني دعم نظام بشار الأسد لتغطية نفقات الحرب وتخفيف الضغط على العملة السورية من الانهيار، من خلال تصنيع وتجارة المخدرات (الكبتاغون) التي أصبحت مصدر تمويلٍ رئيسٍ للنظام والميليشيات التابعة له، كما وقّع النظام الإيراني سلسلة من الاتفاقيات الاقتصادية استحوذ من خلالها على ثروات سورية عديدة، كان آخرها في نيسان عام 2023م، شملت قطاع المصارف والنفط والصناعة والعمل والسياحة والإسكان".
وبعد ذلك، قالت جماعة الإخوان المسلمين، انطلاقاً من مبادئنا الإسلامية وثوابتنا الوطنية وحفاظاً على هوية بلدنا العربية الإسلامية، وتأكيداً على حق شعبنا بالحرية والكرامة والحكم الرشيد، نؤكد، أنه "ليس بيننا وبين عموم الشعب الإيراني كسائر الشعوب أي ضغائن، ولكننا ندين سياسات النظام الإيراني المعتدي على أهلنا وشعبنا ووطننا، فنحن نقف مع شعبنا المظلوم المكافح في سبيل حريته وكرامته، لكن النظام الإيراني اختار الوقوف مع النظام السوري الإجرامي الإبادي، وبالتالي لا يمكن لنا إقامة علاقات مع نظام إيران ما دام محتلاً لبلدنا ويحمل فكراً معادياً لأمتنا وميليشياته تقتل أهلنا".
وشددت الجماعة على رفضها الوجود الإيراني وميلشياته على الأرض السورية، ورفض عمليات التغيير الديمغرافي وعمليات التجنيس الممنهجة لهذه الميلشيات، التي تخدم أهدافاً سياسية للنظام الإيراني في الساحة السورية.
وتابعت الورقة، بأن الجماعة ترفض استخدام الأراضي السورية لتكون مصدر إزعاج وتهديد وقلق للدول العربية والإسلامية وغيرها من خلال استخدامها مصنعاً للمخدرات وتهريبها لهذه الدول، ونرفض أن تستخدم سورية لتصفية حسابات النظام الإيراني الضيقة مع هذه الدول، ونرفض أساليب النظام الإيراني في التوسع داخل الدولة السورية من بناء الجامعات والمدارس والمعاهد والحسينيات القائمة على أساس مذهبي وطائفي الذي يهدف إلى تغيير هوية الأمة وتدمير بنيتها الإسلامية.
أما عن موقف الجماعة من "الطائفية"، تقول الورقة "نحن لسنا طائفيين ونمقت الطائفية، ولكن النظام الإيراني أوغل في طائفيته، وأخذ بسلوكه الممنهج في مناطق نفوذه وبقطعان ميليشياته التي تقتل وتسرح وتمرح في البلاد، وتقوم بمظاهر طائفية بغيضة تتحدى مشاعر مسلمي سوريا في أرض آبائهم وأجدادهم".
سادساً_ موقفنا من تقارب النظام الإيراني من الحركات الإسلامية: نرفض سعي النظام الإيراني بصورة مستمرة إلى التواصل مع الحركات الإسلامية في مختلف البلاد في محاولة لكسب ود الجماهير العربية والمسلمة وإعطاء النظام الإيراني بعداً إسلامياً شعبياً يغطي على جرائمه ويغسل أيديه الملطخة بدماء المسلمين.
وبما يخص فلسطين، "أكدت الإخوان أن النظام الإيراني عنده مشروع يتنافس مع المشروع الصهيوني-الغربي على النفوذ في هذه المنطقة من العالم، ولذلك يرفع شعار المقاومة وتحرير فلسطين مقابل الغرب الذي يدعم دولة الاحتلال الصهيوني، والمشروعان يتنافسان على كعكة المنطقة فيتشاكسان من جهة، ويتقاسمان النفوذ ويتبادلان المصالح من جهة أخرى".
وموجهة خطابها إلى إيران، قالت إخوان سوريا، "ليعلم النظام الإيراني أن الطريق لبناء العلاقات الطيبة مع الشعوب يمرّ عبر تأييد مطالب الشعب السوري المحقة في الحرية والكرامة، وليس عبر الشعارات الجوفاء، ولا الميليشيات التي تقتل البشر وتهدم الحجر وتقتلع الشجر وتعيث فساداً في بلاد المسلمين، وإن الطريق إلى القدس يمر عبر الخلاص من نظام القتل والإجرام القابع في دمشق، لا عبر الفيالق التي تهدم المدن السورية ولا عبر تثبيت الاستبداد والديكتاتورية".
واختتمت "نحن نرى بأن النظام الإيراني قد يفوز في هذه المرحلة بمكاسب تكتيكية مؤقتة، لكنه يرتكب خطيْئة تاريخية كبيرة سوف يدفع ثمنها في قادم الأيام، فمعركة الأمة اليوم معركة الهوية والحرية والتنمية والعيش الكريم، والوقوف صفاً واحداً أمام المشاريع الأجنبية المعادية التي تعبث بقيم الأمة وثوابت دينها وتعمل على استدامة تخلفها وتبعيتها".