الخابور -خطاب شيحة
تداول الكثير من المحللين الظهور الأخير لرامي مخلوف على أنه أوج الخلاف مع بشار الأسد، وأنَّ دواعي الخلاف هو اقترابُ رحيل النظام، وإيذانٌ بعملية سياسية في سوريا. ولكن الجميع أغفل الأسباب المنطقية التي كانت وراء هذا الضخ الإعلامي والمراد من إظهاره على العلن على المستوى الشَّعبي السُّوري.
على هذا، لن أكون تقليدياً وأقول إنَّ رامي مخلوف قفز من سفينة النظام التي أطلق العالم لها الأذن بالغرق، بل سأذهب بالمقال إلى مقام المختلف، وأقول: قفز رامي مخلوف من كفة الميزان تاركاً بشار الأسد يتأرجح في الكفة الأخرى؛ إذ لا يستوي مع مجموعة "بشار ، رامي ، أسماء" التي امتهنت الانتهازية والركض إلى الكفة الراجحة للحفاظ على مصالحها ذات المنشأ غير الشرعي، إلا مصطلح الميزان وكفتيه.
والواضح أنَّ الغول رامي بات مقتنعاً من الكواليس الدولية باقتراب رحيل النظام عن السلطة، وهذا للأسف الشديد مالم يقل به أيٌّ من المحللين بأنَّ ثبات إرادة الشَّعب السُّوري بوجه كلِّ الأساليب الوحشية التي مارسها النظام لكسر ثورته، هي سبب الخلافات وارتفاع حدتها في دائرة النظام، وهي نتيجة منطقية حصدها الشعب السوري، ومكسب من مكاسب ثورته.
فعلى صعيد الدائرة الضيقة للنظام كان مخلوف يلعب دور الواجهة، والخازن للأموال التي يجنيها الأسد من استثماره سوريا كمزرعة خاصة، وظهور مخلوف معلناً على الملأ أنَّ الخلاف مع الأسد وصل إلى درجة الصدام، ما هو إلَّا مؤشر حقيقي على انكماش الدائرة الاقتصادية الضيقة لتتجاوزه إلى إطار أضيق يشمل بشار الأسد وأسماء فقط ( المعسكر الإيراني ) وهذا بالتأكيد ما أغضب (المعسكر الروسي ) الذي تنتمي إليه عائلة مخلوف.
كل هذه الحيثيات في التصارع المالي، داخل دائرة النظام، دفعت "المخلوف" إلى الغدر بتهريب الأموال بعيداً عن يد الأسد؛ ردَّاً على غدر الأسد بنقل وظيفة الخازن والواجهة الاقتصادية إلى زوجته أسماء، فبات التوجُّه بالمشكلة إلى الوسط الشعبي السوري عن طريق بث فيديوهات مصورة من قبل رامي مخلوف هي طريقة جديدة من الانتهازية، الهدف منها حلب العاطفة السُّورية، خصوصاً أنه استخدم مصطلح الدولة ومؤسساتها في مواضع عدة من الخطاب، وهو تعبير عن وجهة النظر الروسية أيضاً.
وبالعودة إلى سفينة المحللين، نجد بالنظر العادي إلى القصة ولكن من الزاوية الصحيحة مايُدرَك ببساطة أنَّ أهم مافي الموضوع: أيُّ الجهات سيختار الطاقم القفز إليها من السفينة؟
من اليوم الذي وظف "رامي مخلوف" أموالاً ليست هينة لمنصات إعلامية روسية ليتصدر نشراتها خبر شراء بشار الأسد لوحة فنية لزوجته أسماء قدرت ب 30 مليون دولار، هنا يكمن الهدف الجوهري من إظهار الخلافات على السطح، وهو فضح بشار شعبياً واستمالة العاطفة السورية باتجاه "آل مخلوف" فأصبحت هذه معادلة واضحة بأنَّ رامي مخلوف انحاز إلى روسيا، وأنَّ أيَّ ظهور له على مواقع التواصل الاجتماعي يمثل بالضرورة توبيخاً روسيَّاً لبشار .
على الشَّعب السُّوري ألّا ينسى بأنَّ "رامي مخلوف" الذي لم يعترف حتى بالثورة على أنها ثورة شعب على الظلم هدفها نيل الحرية بل كان داعماً لقمعها، على السُّوريِّين ألَّا يصدقوا اليوم تباكيه على بضعة موظفين يعملون كلصوص لديه، اعتقلهم النظام نكاية بفعلته على أنَّه بكاء إنساني، وأنَّ هذه الخلافات لا تستند إلى مبدأ سوري، إنَّما تستند إلى جشع هذه العصابة في الحصول على المال