الخابور - (رصد)
أعلنت واشنطن على لسان المتحدثه باسم وزارة الخارجية الأمريكية، هيثر نويرت، الخميس، أن الوحدات الكردية وافقت على مغادرة مدينة منبج بريف حلب، دون أن تعلق على توقيت انسحاب الوحدات التي تتبع لحزب الاتحاد الديمقراطي "ب ي د" من المدينة والحزب تعتبره أنقرة امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي تحاربه، بالمقابل فإن وزير الخارجية التركية مولود جاويش أوغلو قال إن موعد بدء مغادرة عناصر "ب ي د" لمنبج هو 4 تموز/ يوليو المقبل.
ولا يبدو أن الاتفاق مرضيا بالنسبة لقوات سوريا الديمقراطية "قسد" التي تقودها الوحدات الكردية وتسيطر على المدينة منذ آب/ أغسطس 2016، في إطار الحرب على تنظيم "داعش"، وتعتبر المدنية جزءا من فيدراليتها بالشمال السوري التي يطلق عليها قادتها اسم "روج آفا" حيث دفعت باتجاه إيقاف الاتفاق عبر تسير مظاهرات رافضة له ومؤيدة لوجودها بالمدينة، كما أعلنت إنها مستعدة للتفاوض مع نظام الأسد، ما يعني أنها سوف تفاوض "الأسد" على مصير المنطقة الواقعة تحت السلطة الأمريكية بشكل فعلي شرقي الفرات.
عن ما سوف تحول عليه العلاقة بين واشنطن و "ب ي د" يقول رديف مصطفى نائب رئيس رابطة المستقلين الكرد السوريين، "علينا أن نتذكر بأن هذا التحالف هو مصلحي ومؤقت ومتعلق بالحرب على داعش، وبالتالي كان تحالفا عسكريا وليس سياسيا بالمعنى الاستراتيجي، مشيرا إلى أن " (ب ي د) يجمع بين تحالفات سياسية وعسكرية متناقضة، فيعتبر من حلفاء النظام وتسلم مناطق نفوذه من النظام وبإشراف إيراني كما تحالف مع الروس، ولاحقا مع الأمريكان بعد غزو تنظيم داعش لكوباني (عين العرب)".
واعتبر "مصطفى" بحديثه لبلدي نيوز، أن "الاتفاق التركي الأمريكي في منبج خطوة مهمة جدا وتحول نوعي، ومن المعلوم بأن أي تقارب أمريكي تركي يخدم الثورة السورية وخاصة في مناطق شمال وشرق سوريا وقد يشكل نجاح اتفاق منبج بداية لإيجاد صيغة للتفاهم حول مناطق شرقي الفرات، وبالتالي إخراج ميليشيا العمال الكردستاني"، مشيرا إلى أن "أمريكا قد تتخلى عن ال (ب ي د) عند انتهاء داعش، ولكن لا أعتقد بأنها ستتخلى عن مناطق نفوذها بمناطق شرقي الفرات وهي تربط وجودها هناك بعملية تسوية سياسية نهائية في سوريا برمتها".
ولفت إلى أن "ب ي د" منزعج بشكل كبير مما جرى في عفرين ومن اتفاق منبج و"لذلك بدأنا نسمع تصريحات لمسؤولين فيه عن قبول الدخول بحوار غير مشروط مع النظام، علما أن "ب ي د" لم يخرج فعليا من حضن النظام وهذه التصريحات هي رسالة للتحالف الدولي وأمريكا، ولكن بالنهاية واشنطن تهتم بإرضاء أنقرة الحليف الاستراتيجي والشريكة بحلف شمال الأطلسي.
واتفق محمود الماضي وهو نائب رئيس التحالف الوطني لقوى الثورة بالحسكة مع "مصطفى" في أن العلاقة بين واشنطن وأنقرة استراتيجية، وهي مختلفة عن التحالف مع "ب ي د" الذي يرتبط بالحرب على تقودها الولايات المتحدة ضمن التحالف الدولي على تنظيم "داعش"، وهذا يعني أن أمريكا "استخدمت الوحدات الكردية لمهمة خاصة شارفت على الانتهاء".
واعتبر "الماضي" بحديثه لبلدي نيوز، أن الاتفاق الأمريكي التركي حول منبج، هو دليل على إدراك واشنطن لدور أنقرة بالمنطقة وعلى حاجتها للشريك قوي مثل تركيا، وعلى بداية تغير سياستها بالتعامل مع "ب ي د"، لافتا إلى أن استجابة أمريكا للتحذيرات التركية من دعم مليشيا الوحدات الكردية مرتبط بالتقارب بين روسيا والأخيرة، حيث تحرص واشنطن على قطع الطريق على هذا التقارب ولا تريد خسارة حليف استراتيجي قوي بالمنطقة من أجل تحالف مصلحي قصير الأجل".
وعلى ضوء ما سبق اعرب "الماضي" عن اعتقاد "أنّ التّفاهم الأمريكي التركي أكبر ممّا هو معلن وماجرى في منبج سيطبّق في مناطق أخرى من الجزيرة السّورية، وأمريكا تخلّت بالفعل عن (ب ي د) وهذا ما اعترف به بعض القادة فيما يسمى بالإدارة الذاتية من خلال إعلانهم عن الاستعداد للتفاوض المباشر مع النظام، وذلك لمواجهة المتغيرات التي حصلت بتوصل واشنطن وأنقرة لاتفاق منبج".
من جانبه الصحفي السوري همبرفان كوسا، اعتبر أن الاتفاق حول منبج لم يتضح بعد، معتبرا أن"الدعاية الإعلامية التركية الرسمية تضخم الاتفاق ضمن سياق الانتخابات الرئاسية والبرلمانية للفوز بأصوات الناخبين"، مشيرا إلى أن "وحدات حمايّة الشعب (الوحدات الكردية) كانت قبل عامين أعلنت الانسحاب من منبج، وقبل أسبوعين أعلنت سحب مستشاريها العسكريين، لكن تُركيّا تعلم أنّ مجلس منبج العسكريّ هو نفسه وحدات حمايّة الشعب، وقوات سوريّا الديمقراطيّة".
وقال "كوسا" بحديثه لبلدي نيوز، إن الذي سوف يتم إزاحته من منبج هم عناصر حزب العمال الكُردستاني فقط و سيتم إشراك المُعارضة في إدارة المدينة، وبالتالي استمرار بقاء (قسد) لكن بشكل آخر، ولا أعتقد أن تركيّا ستتجاوز خط الساجور".
واعتبر أن مصير مناطق "شرقيّ الفُرات لن يكون مثل غربه، لعدة أسباب: أوّلها الرفض السعوديّ الإماراتيّ لتمدد سيطرة الفصائل المدعومة من تركيا على مساحات أوسع مما تسيطر عليه في سوريّا. ثانياً: حفاظ الولايات المُتحدة على المنطقة النفطيّة في شرقيّ الفُرات، كما الحفاظ على الحدود مع العراق من أجل عدم تقدم الحشد الشعبي العراقي أكثر من ذلك".
وتوقع أن "السيناريو المطروح في شرقيّ الفُرات يمكن أن يكون بإخراج عناصر حزب العمال الكُردستاني، وتشكيل قيادة جديدة لهذه القوات بقيادات عربيّة كُرديّة لإدارة المنطقة، بشكل يرضي كُل الأطراف. وهذا ما طرحته الولايات المتحدة على الوحدات الكردية بعد قصف الطيران التركي لمنطقة كراتشوك قبل عامين. وهناك احتمال آخر يتمثل بجعل المنطقة تحت سيطرة قوات البيشمركة السوريّة، المقبولة من المعارضة وتركيا والولايات المتحدة ودول الخليج وحتى روسيّا".
المصدر: بلدي نيوز - بقلم عبدالعزيز الخليفة