الخابور - متابعات
قالت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" في تقريرها الصادر اليوم، إن مخيم الهول أقرب إلى معسكر احتجاز يضمُّ حتى الآن عشرات آلاف النازحين في ظروف غير إنسانية، مُشيرة إلى أن لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة حمَّلت في تقريرها الأخير الإدارة الذاتية التي يقودها حزب الاتحاد الديمقراطي المسؤولية عن الاحتجاز غير القانوني لآلاف الأشخاص.
واستعرض التقرير مراحل تأسيس مخيم الهول وهيكليته وأبرز موجات النزوح التي شهدها منذ إعادة تفعيله في نيسان 2016 حتى الآن، حيث بلغ عدد قاطني المخيم في عام 2016 قرابة 12 ألف بين نازح ولاجئ أغلبهم من محافظات دير الزور والرقة، ومن دولة العراق.
ثم ارتفع إلى 18 ألف في عام 2017 جلهم قادمين من دولة لعراق، وفي عام 2018 وعلى الرغم من تراجع أعداد اللاجئين العراقيين في المخيم إلا أن المعارك الدائرة بين قوات سوريا الديمقراطية وتنظيم داعش في آخر معاقل تنظيم داعش في محافظة دير الزور نهاية العام تسبَّبت في حركة نزوح كبيرة في المحافظة فبلغ عدد قاطني المخيم بداية عام 2019، قرابة 33 ألف ما بين نازح ولاجئ، ومع تزايد حركة النزوح إلى المخيم في عام 2019 بلغ عدد قاطنيه قرابة 70 ألف غالبيتهم من محافظتي دير الزور والرقة، وفي تشرين الأول 2020 بلغ عدد القاطنين في مخيم الهول قرابة 65 ألف.
تحدث التقرير عن تعرض سكان مخيم الهول لعدد من الانتهاكات لحقوق الإنسان الأساسية، مثل الحق في الحياة، التنقل، الصحة، التعليم، وغيرها، ووفقاً للتقرير فإن ما لا يقل عن 53 مدنياً، بينهم 25 طفلاً و11 سيدة قتلوا في مخيم الهول منذ إعادة تفعيله في نيسان/ 2016 حتى 28/ تشرين الأول/ 2020، قتلت قوات سوريا الديمقراطية 18 منهم، بينهم 14 طفلاً، فيما قتل 35 بينهم 11 طفلاً و11 سيدة على يد جهات لم يتمكن التقرير من تحديدها.
وتوسَّع التقرير في الحديث عن الظروف اللاإنسانية التي يتعرض لها قاطنوا المخيم، حيث أنَّ معظم الخيام مبنية باستخدام نوع رديء من البلاستيك، عدا عن أنها غير فعالة في الظروف المناخية القاسية التي تمتاز بها المنطقة، وهي قابلة للاشتعال أيضاً، وقد تسببت الحرائق في مقتل ما لا يقل عن 9 مدنيين، بينهم 4 أطفال و1 سيدة منذ نيسان/ 2016 حتى 28/ تشرين الأول/ 2020.
وأضافَ أنَّ المخيم يُعاني من نقص حاد في الكمية الغذائية وخلل في توفير مياه الشرب، وفي الصرف الصحي، إضافة إلى نقص الرعاية الطبية، وقد تسبَّب نقص الغذاء والرعاية الطبية بـ 7 وفيات بين صفوف الأطفال منذ نيسان/ 2016 حتى 28/ تشرين الأول/ 2020.
وجاء في التقرير أيضاً أنَّ المخيم يحوي قرابة اثنا عشر مركزاً تعليمياً للأطفال بمختلف الأعمار، ووصفها التقرير بالقليلة جداً مقارنة بعدد الأطفال في المخيم، الذين تجاوز عددهم الأربعين ألف طفل، بعضهم يتيم الأب أو الأم، أو فاقد لكليهما.
وشدَّد التقرير على أن ظروف مخيم الهول تُشكِّل بيئة نموذجية لانتشار كوفيد-19، كما أن الإجراءات الوقائية كارتداء الكمامات والتباعد الاجتماعي محدودة للغاية، ويعتبر فقر المخيم في البنية التحتية للمياه والصرف الصحي أخطر العوامل المساعدة على تفشي الوباء.
ورأى التقرير أنَّ الفيتو الروسي في كانون الأول/ 2019 على مشروع تجديد قرار مجلس الأمن رقم 2165، كان سبباً رئيساً في نقص المساعدات الإنسانية والطبية في المخيم، ووصفه بالمخالف لمبادئ حقوق الإنسان، وقال أنَّ هذا الفيتو الذي استخدمته روسيا مع حليفتها الصين، تسبَّب في إغلاق معبر اليعربية؛ الأمر الذي أثَّر على تدفق المساعدات الأممية إلى المنطقة، وانعكس بشكل واضح على الأوضاع الإنسانية لسكان مخيم الهول، وحمَّل التقرير روسيا والصين مسؤولية حقوقية وأخلاقية جراء هذا الفيتو التعسفي.
أشارَ التقرير إلى تقرير لجنة التحقيق الدولية التابعة للأمم المتحدة الأخير وأكَّد على ما جاء فيه حول منع قوات سوريا الديمقراطية سكان المخيم من الخروج والعودة، أو من الخروج النهائي والعودة إلى قراهم ومنازلهم في مناطق انتهت فيها العمليات القتالية مع تنظيم داعش منذ أشهر طويلة وبعض هذه المناطق انتهى القتال فيها منذ قرابة عامين.
واستعرض التقرير ثلاثة أساليب أساسية لخروج سكان المخيم، الأول عن طريق وساطة وجهاء العشائر لدى قوات سوريا الديمقراطية، وأشار إلى أن الوساطة العشائرية أسهمت في إطلاق سراح ما لا يقل عن 3000 محتجز ينتمون إلى محافظات دير الزور والرقة وحلب، أما الأسلوب الثاني فهو عن طريق عمليات التهريب أو الهروب من المخيم عن طريق مهربين لديهم علاقات مع قوات الأمن الداخلي التابعة لقوات سوريا الديمقراطية حيث يدفع أهالي المحتجزين مبالغ مالية طائلة إلى كل من المهربين وقوات الأمن الداخلي مقابل تهريبهم بأساليب قاسية، مثل الاختباء داخل صهاريج.
وأضاف التقرير أنَّ الأسلوب الثالث للخروج من المخيم هو عن طريق طلب بعض الدول الأجنبية استعادة مواطنيها الذين يتجاوز عددهم الألفي شخص جلهم نساء وأطفال.
وتحدث التقرير عن مساهمة التقارير الحقوقية والإنسانية الصادرة عن عدة هيئات في الأمم المتحدة، وبشكل خاص تقرير لجنة التحقيق الدولية الأخير، وكذلك تقارير منظمات دولية مثل هيومان رايتس ووتش، ومنظمات حقوقية محلية في الضغط على الإدارة الذاتية في قوات سوريا الديمقراطية حتى أصدرت في 10/ تشرين الأول القرار رقم 146 القاضي بالسماح لمن يرغب من السوريين في المخيم بمغادرته بعد استكمال الإجراءات اللازمة. ولم يلحظ التقرير عمليات إخلاء واسعة للسوريين المحتجزين، وسجَّل أنَّ عمليات الإفراج قد ظلت مقتصرة على وساطات العشائر.
جاء في التقرير أن قوات سوريا الديمقراطية انتهكت عبر عمليات الاحتجاز هذه عدداً كبيراً من مبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان، بما فيها الحرمان التعسفي من الحرية، وحرية التنقل، والحق في التعليم، والرعاية الصحية. ولم تُتح لهؤلاء المحتجزين أية فرصة للدفاع عن أنفسهم، أو معرفة أسباب احتجازهم، أو الطعن فيها، عبر فرصة الحصول على محاكمة عادلة.
وقال التقرير إن قوات سوريا الديمقراطية عاملت قطاعات كاملة من الخيام، التي تضم مئات الأشخاص المرتبطين بتنظيم داعش، بشكل أسوأ من غيرها، وهذا تمييز يستند في مجمله إلى ادعاءات لم تثبت عبر تحقيقات مستقلة.
أكد التقرير على أن عدم تقديم الدول المانحة الدعم الكافي المخصص للمنظمات الأممية والدولية العاملة على المخيم؛ قد فاقم من سوء أحواله، ولا تتحمل الإدارة الذاتية وحدها مسؤولية سوء الأوضاع المعيشية والطبية داخل المخيم، على الرغم من انعدام الشفافية المالية لديها في كيفية إنفاق عائدات ثروات المنطقة وبشكل خاص النفطية والغازية.
شملت توصيات التقرير مطالبة الأمم المتحدة بزيادة المساعدات الإنسانية المقدمة للمخيم إلى أن يتم إيجاد حلٍّ لقضية المحتجزين والضغط على الدول التي لديها مواطنين محتجزين ضمن المخيم من أجل إرجاعهم، وإعطاء الأطفال الجنسية، كما ينصُّ على ذلك القانون الدولي، وذلك تفادياً لخلق المئات من عديمي الجنسية.
وأوصى التقرير التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بالضغط على قوات سوريا الديمقراطية للإفراج عن آلاف المحتجزين في مخيم الهول، وإطلاق سراح كل من لم تثبت عليه جريمة جنائية وفقاً لمحاكمة عادلة من محكمة مشكلة بشكل حيادي ومستقل. والطلب من الإدارة الذاتية إعداد كشوفات مالية عن الأموال التي تحصل عليها من ثروات المناطق وآليات صرفها ونشرها للرأي العام السوري، وتخصيص مبالغ مالية كافية للإنفاق على تحسين ظروف المعيشة في مخيم الهول.
وحثَّ التقرير دول العالم التي لديها مواطنين محتجزين في مخيم الهول على عدم التبرؤ من مواطنيها، والعمل على إعادتهم ومحاكمتهم وفقاً للقانون، ومنح الجنسية للأطفال الذين ولدوا خارج بلدانهم، إضافة إلى زيادة المساعدات الإنسانية لمخيم الهول، وبشكل خاص الطبية منها في ظلِّ الموجة الثانية من كوفيد-19.
وطالب التقرير الإدارة الذاتية التي يقودها حزب الاتحاد الديمقراطي بإطلاق سراح عشرات آلاف المحتجزين بما يضمن عودتهم نحو مناطقهم التي نزحوا منها والتوقف عن استخدام التمييز ضد بعض قطاعات المخيم، إضافة إلى إعداد تقارير مالية عن حجم الأموال التي يتم الحصول عليها من ثروات محافظات دير الزور والحسكة والرقة، ونشرها للرأي العام، وتخصيص مبالغ مالية لتحسين الظروف القاسية لمخيم الهول.