الخابور
روّج النظام السوري السابق منذ 1971 وحتى انطلاق الثورة عام 2011 لفكرة أن البلاد أمام خيار مصيري: "إما آل الأسد وإما الفوضى". لكن بعد سنة من انتصار الثورة، تبين أن هذا السيناريو لم يتحقق، وفق مجلة إيكونوميست البريطانية. وأشارت المجلة إلى أن سوريا أثبتت قدرة مذهلة على الصمود، رغم تولّي "جهادي سابق" زمام السلطة بعد رحيل بشار الأسد.
وأشادت إيكونوميست بأداء الرئيس السوري أحمد الشرع، معتبرة أن جهوده الدبلوماسية ساهمت في رسم صورة جديدة لسوريا أمام المجتمع الدولي، فيما لم تشهد البلاد سيناريوهات الانفلات أو تصفيات جماعية كما حصل في دول عربية أخرى. وأكدت المجلة أن قيادة الشرع اتسمت بالبراغماتية، إذ لم يحاول فرض الشريعة الإسلامية على جميع أطياف المجتمع، ما بدّد المخاوف من قيام نظام ديني متشدد بعد رحيل الأسد.
وأوضحت إيكونوميست أن سوريا الجديدة لم تنخرط في تهريب المخدرات أو تهديد جيرانها، بل سعت لبناء علاقات اقتصادية مع دول الخليج لتعزيز الاستثمارات وتحسين الوضع المعيشي. كما انحازت سوريا إلى صف الغرب والولايات المتحدة، بعد أن كانت حليفة لإيران وروسيا، وهو ما اعتبر نقطة إيجابية لصالح الحكومة الجديدة. وذكرت المجلة أن سوريا انضمت رسمياً في نوفمبر 2025 إلى التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة، ونفذت العملية العسكرية المشتركة مع وزارة الداخلية استهدافاً لمخازن أسلحة تابعة للتنظيم في جنوب البلاد وريف دمشق.
لكن إيكونوميست حذرت من أن أسلوب الشرع يثير تساؤلات، إذ فضل إنشاء هياكل موازية يديرها مقربون له، بدلاً من إعادة بناء مؤسسات الدولة الرسمية وإعادتها لدورها الطبيعي. وذكرت أن إنشاء سلطة جمارك جديدة يقودها وزير مقرب من الرئيس، يثير مخاوف من إنشاء شبكات نفوذ بديلة للدولة، لا سيما أن الجمارك تمثل أكبر مصدر للإيرادات الضريبية.
ودعت المجلة الشرع إلى تعزيز دور الوزارات وتوسيع مشاركة المجتمع المدني، مشيرة إلى أن أكبر تحدٍ يواجهه هو إقامة حكم يختلف عن النظام الفردي السابق، مع التركيز على شكل البرلمان السوري الجديد المتوقع في يناير 2026 كاختبار رئيسي لقدرة البلاد على التحول السياسي الحقيقي.
