الخابور - سياسي       

تنبئ التصريحات الأخيرة لمسؤولي نظام الأسد وإيران، عن وقوع مواجهة بين قوات النظام والميليشيات التي تدعمها من جهة، و"قوات سوريا الديمقراطية (قسد)" التي تقودها "الوحدات الكردية" المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية من جهة ثانية، وخاصة مع اقتراب الانتهاء من المعارك التي يخوضها الطرفان ضد تنظيم "الدولة" والتي تبدو أنها اقتربت من النهاية مع وصول النظام إلى مشارف مدينة البوكمال شرق ديرالزور، قرب الحدود العراقية السورية، وتقدم "قسد" شمال الفرات باتجاه الحدود العراقية والسيطرة على مركدة أخر معاقل التنظيم بمحافظة الحسكة.

وعن احتمالات الصراع بين الطرفين، يرى الباحث السوري ساشا العلو، إن الصدام بين النظام و"قسد" قادم وشبه حتمي، لكن لن يكون بعد السيطرة على البوكمال، لأن النظام وحلفائه لديهم أولويات عسكرية سياسية أكثر من الصدام مع "قسد" كالغوطة الشرقية وربما إدلب.

ولفت "العلو" في حديثه لبلدي نيوز، إلى أن الدولتين الداعمتين للنظام و"قسد" أي الولايات المتحدة ورسيا ليستا بوارد فتح حرب بالوكالة في الشرق السوري تحديداً.

ويعتقد العلو أن تقدم النظام إلى البوكمال كان ضمن تفاهمات أمريكية روسية بدأت في اجتماع هامبورغ ورأينا تجلياتها في البادية والدخول إلى دير الزور، وسحب اتفاقات شمال سوريا إلى شرقها أي اعتبار نهر الفرات هو الحد الفاصل بين النفوذين.

وشاطر الخبير العسكري السوري عبد الناصر العايد، الباحث العلو، لكنه أرجع السبب الذي يمنع وقوع اشتباكات بين "قسد" والنظام بعد السيطرة على البوكمال أو بدونها، للاتفاق الأمريكي الروسي على منع الصدام بين الطرفين المدعومين منهما.

وقال "العايد" في حديثه لبلدي نيوز، أن الاتفاق الأمريكي الروسي الذي توصل إليه فلاديمير بوتين ودونالد ترمب مؤخرا خلال لقائهما في فيتنام، حدد خطوط المرحلة المقبلة لفرض فترة من الاستقرار تسمح بالتوصل إلى تفاهم جديد بينها.

أما عن الرقة التي سيطرت عليها قوات سوريا الديمقراطية "قسد" بعد شهور من القتال مع تنظيم "الدولة" دعمها فيها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، انتهت بالتوصل إلى اتفاق بين الطرفين سلّم بنهايتها التنظيم المدينة إلى "قسد"، وبرغم تصريحات مسؤولي النظام باعتبار المدينة "محتلة"، والتأكيد على ضرورة استعادتها إضافة لتصريحات علي أكبر ولايتي التي توعد فيها بتحرك الميليشيات المدعومة من  طهران إلى المدينة التي أعلنت "قسد" ضمها إلى النظام الفيدرالي الذي أنشأته وتعهد بالدفاع عنها.

ويرى الخبير العسكري "العايد" أن الاتفاق بين ترمب وبوتين في فيتنام شمل الرقة أيضا، ما يعني أن احتمالات محاولة النظام استعادتها بالوقت الراهن معدومة، مشيرا إلى أن الصدام بين "قسد" و النظام ليس واردا طالما الاتفاق الأمريكي الروسي مستمر.

ولفت إلى أن واشطن وموسكو توصلتا سابقا إلى اتفاق أوصل الوضع الميداني إلى ما هو عليه في سوريا خلال لقاء بوتين وترمب في تموز/يوليو خلال قمة العشرين في هامبورغ، والاتفاق الأخير بينهما في فيتنام لن يسمح بحدوث صدام بين القوات التي يدعمونها في سوريا، لأنهما يريدان مرحلة من الاستقرار تعقب القضاء على تنظيم "الدولة".

بالمقابل، يرى الباحث ساشا العلو، إنه "وفقاً للتطورات السياسية والعسكرية في الملف السوري على المستوى المحلي والإقليمي والدولي؛ فإذا تجنبنا الحسم في القول بأن مآل الرقة لصالح نظام الأسد؛ فيمكننا الحسم بأن مآلها ليس كردياً. وذلك وفقاً لعدة وقائع ومؤشرات أولها؛ أن الرقة أرض عربية بغالبية عربية لذلك فإن الولايات المتحدة لن تستطيع دعم سيطرة (قسد) عليها على المدى البعيد، خاصة وأنها تحمل مشروعاً واضحاً تجلت ملامحه بشكل صريح برفع صورة أوجلان في ساحة المدينة، المشروع القائم على ممارسات واضحة كتكريد المناطق وتهجير أهلها، الأمر الذي سيؤدي بالضرورة إلى ردة فعل من السكان والعشائر ما سيجعلها فرصة مهمة ربما ليستغلها النظام في إشعال حرب ذات بعد قومي"، مشيرا إلى أنه ضمن "هذا الاحتمال فالتحالف الدولي لن يستطيع تغطية (قسد) فالطرف الاخر هنا ليس داعش، وإنما أهالي الرقة، فالتحالف فعليا انتهى دوره رسميا مع نهاية تنظيم الدولة، إضافة أن الولايات المتحدة ليست بوارد تغطية صراعات من هذا النوع ضمن الظرف القائم في سورية والظرف الحساس التي تمر به المنطقة".

وأضاف أنه على "المستوى السياسي فوحدات الحماية الكردية في سورية عادت أهم الفاعلين المحليين والإقليمين والدوليين على الأرض السورية ( إيران، تركيا، روسيا، النظام)، واعتمدت بعد السيطرة على الرقة على تحالفٍ أحادي الجانب مع الولايات المتحدة، الأخيرة التي يبدو أن لديها استعداد  لرفع الغطاء عنهم وفق توافقات إقليمية ودولية أوسع، وأتوقع أنها مسألة وقت، ونموذج كركوك في العراق مؤشر واضح يمكن سحبه على سوريا"، حسب رأيه.

وأردف بالقول "ووفق كل تلك المؤشرات تأتي تهديدات روسيا وإيران وتلويحهما بالتقدم إلى الرقة مدعومين بالموقف التركي، وعليه فإن الوجود المؤقت للوحدات الكردية في الرقة تحت الغطاء الأمريكي مرهون بإتمام صفقة، وبغض النظر عن كيفيتها؛ إلا أن نتائجها في الرقة لا تبدو لصالح الأكراد".

وتوصل الرئيسان ترمب وبوتين، على بيان مشترك بشأن سوريا، خلال قمة "أبك" في فيتنام، السبت، نص على "ألا يكون هناك حلا عسكريا للأزمة في سوريا"، وأكدا على الالتزام بسيادة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها، ما يعني التزامهما بالحد من المواجهات العسكرية على الأقل بين الأطراف التي يدعمانها على الأرض، فيما أن بند بوحدة سوريا يؤكد عدم مساندة واشنطن لأي خطوة انفرادية من "قسد" في المناطق التي تسيطر عليها، وتبدو إيران ومن خلفها النظام، على قناعة بأن الأمريكيين لن يقفوا مع الأكراد كما حصل في كركوك التي استعادتها القوات العراقية والحشد الشعبي من البشمركة بلا معارك.

شبكة بلدي نيوز مقال (عبد العزيز الخليفة)